Friday, March 12, 2010

دروس الغزو والشهيد

مر علينا يوما 25 و26 فبراير، وهما عيدا الاستقلال والتحرير، ولا شك أن لهذين التاريخين أهمية بالغة في توثيق الأحداث التي مرت بها الكويت منذ استقلالها حتى اليوم، إذ لم تكن نوايا العراق الجار حسنة تجاه الكويت يوم أن أعلنت استقلالها، فصارت في تلك الفترة أزمة مطالبات عبدالكريم قاسم رئيس العراق وقتذاك، وقد تم تجاوز هذه الأزمة بقرارات فورية وحازمة من القيادة السياسية وعلى رأسها أمير الكويت وقتذاك المرحوم الشيخ عبدالله السالم، مما أخمد الأزمة في مهدها وتمكنت الكويت بفضل الله ورعايته أن تتقدم بخطى ثابتة في تأكيد كيانها واستقلالها وعزيمتها. لكن التاريخ سرعان ما أعاد نفسه، فما بين أزمة قاسم 1961وما بين عام 1990هو عمر جيل كامل إلا أن فكر الغدر باغت الكويت بغزو واحتلال على يد النظام الصدامي في 2 أغسطس 1990، وقد منّ الله علينا بنعمة التحرير وتخليص البلاد من الغزاة بفضله جلّ شأنه ثم دعم دول شقيقة وصديقة ومساندتها.
ومع احتفالاتنا بأعياد وذكرى الاستقلال والتحرير يجب ألا ننسى الدروس والعبر التي لا بد من أن نكون استفدنا منها في أحداث تاريخنا ومراحله المهمة ما بين الاستقلال والتحرير. أقول هذا الكلام وقد شابت مظاهر الاحتفالات بعض الممارسات التي أساءت إليها بسبب طيش شباب أو تراخي الحكومة وأجهزتها الأمنية والرقابية، فكانت حصيلتها عددا من الوفيات والإصابات، لاسيما في العيون. ويتزامن مع هذه الذكرى أيضا تغيير المناهج بإلغاء تدريس ما يخص الغزو وتداعياته السلبية، وفي هذا السياق نشدّ على يد الزميل علي الراشد عضو مجلس الأمة في حرصه على أن يكون ذلك ضمن مدونات مقرراتنا الدراسية مع تطويرها، خصوصا في ما يتعلق ببطولات الاستشهاد وأعمال المقاومة والصمود في الداخل. ويتزامن ذلك مع تعيين سفير جديد للعراق في الكويت يجب أن يكون أساسا لاستقرار العلاقة مع العراق وطيّ الصفحات التي تعيدنا إلى حالة الاستفزاز العراقي للكويت ومشاعر أهلها.
•••
شارع الشهيد يوسف الفلاح
احتفالا بذكرى التحرير قامت الجهات الحكومية المختصة وفي مقدمتها بلدية الكويت بإلغاء تسمية شارع المنصورية الذي أطلق عليه أهالي المنصورية «شارع الشهيد يوسف الفلاح»، وقرروا استبداله باسم أحد التجار من دون مبرر أو معنى مفهوم، فإذا كانت ذكرى تحرير الكويت ودماء شهدائها مثل الشهيد يوسف الفلاح سببا للتخلي عنهم وعدم تخليد ذكراهم، فهذا الأمر مأساة حقيقية للبلاد. أرملة الشهيد السيدة رشا الرومي أم لثلاث بنات هن بنات الشهيد اضطررن هذه الأيام إلى رفع مناشدات والسعي بتوقيعات للمحافظة على إبقاء اسم هذا الشارع ليكون «شارع الشهيد يوسف الفلاح». وقد حظي مسعاهن هذا بدعم كامل من أبناء منطقة المنصورية وهم من أطلق اسم الشهيد عليه بعد اقتياده من قوات الغزو وقتله بالرصاص قبالة بيته أمام أهله وذويه. أفلا يستحق هو وأهله وزوجته وبناته أن نخلد ذكراه بإطلاق اسمه على شارع، أم أن شارعا للشهداء وآخر للتجار وثالثا للشيوخ تكفي، فلا نطلق اسم أي شخص على هذه الشوارع أو المناطق؟
اللهم إني بلغت.

أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع
dralmoqatei@almoqatei.net

No comments: